أراك طـروبـاً والـهـاً كالمتـيـمِ
تطوف بأكنـاف السجـاف المخيـمِ
أصابـك سهـمٌ أم بليـت بنظـرةٍ؟
ومـا هـذه إلا سجـيّـة مـغـرمِ
على شاطئ الوادي نظرت حمامـةً
أطالـت علـيَّ حسرتـي وتنـدمِ
فإن كنت مشتاقاً إلى أيمـن الحمـى
وتهـوى بسكـان الخيـام فأنـعـمِ
أُشيـر إليـهـا بالبـنـان كأنـمـا
أُشير إلى البيـت العتيـق المعظـمِ
خـذوا بدمـي منهـا فإنـي قتيلهـا
ومـا مقصـدي إلا تجـود وتنعـمِ
خذوا بدمي ذات الوشاح فإنني
رأيت بعيني في أناملها دمي
( ولا تقتلوهـا إن ظفرتـم بقتلـهـا
ولكن سلوها كيف حل لها دمـي؟ )
وقولوا لها يا منيـة النفـس إننـي
قتيل الهوى والعشق لو كنت تعلمـي
ولا تحسبـوا أنـي قتلـت بصـارمٍ
ولكن رمتنـي مـن رباهـا بأسهـمِ
مهذبـة الألفـاظ مكـيـة الحـشـا
حجازيـة العينيـن طائيـة الـفـمِ
مـنـعـمة الأعطاف يجري وشاحها
عـلـى كشح مـرتج الروادف أهضمِ
ومـمـشوطة بالمسك قد فاح نشرها
بـثـغـرٍ كـأن الـدرّ فيـه منظمِ
أغـار عليهـا مـن أبيهـا وأمهـا
ومن لجة المسواك إن دار في الفـمِ
أغار علـى أعطافهـا مـن ثيابهـا
إذا ألبستهـا فـوق جسـم منـعـمِ
وأحسـد أقداحـاً تقـبـل ثغـرهـا
إذا أوضعتها موضع اللثم فـي الفـمِ
فوالله لـولا الله والخـوف والرجـا
لعانقتهـا بيـن الحطيـم وزمــزمِ
وقبلتها تســعٌ وتسعــون قبــلةً
مفـرقــةٌ بالخــد والكــف والفــمِ
ولمـا تلاقينـا وجــدت بنانـهـا
مخضبـة تحكـي عصـارة عنـدمِ
فقلت خضبت الكـف بعـدي هكـذا
يكـون جـزاء المستهـام المتـيـمِ
فقالت وأبدت في الحشا حرق الجوى
مقالة من فـي القـول لـم يتبـرمِ
وعيشك ما هــذا خضـاب عرفتـه
فلا تك بالـزور والبهتـان متهمـي
( ولكننـي لمـا وجدتـك راحــلاً
وقد كنت لي كفي وزندي ومعصمي )
بكيت دمـاً يـوم النـوى فمسحتـه
بكفي فاحمـرّت بنانـي مـن دمـي
( ولو قبل مبكاهـا بكيـت صبابـةً
لكنت شفيت النفـس قبـل التنـدمِ )
( ولكن بكت قبلـي فهيجنـي البكـا
بكاهـا فقلـت الفضـل للمتقـدمِ )
بكيت على من زين الحسن وجههـا
وليس لهـا مثـل بعـربٍ وأعجـمِ
أشارت برمش العين خيفـة أهلهـا
إشـارة محسـود ولــم تتكـلـمِ
فأيقنت أن الطرف قد قـال مرحبـاً
وأهـلاً وسهـلاً بالحبيـب المتيـمِ
وآخر قولـي مثـل مـا قلـت أولاً
أراك طـروبـاً والـهـاً كالمتـيـمِ